فصل: (سورة آل عمران: الآيات 8- 10)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الإعراب:

{الم} خبر لمبتدأ محذوف وقد تقدم القول فيه مفصّلا {الله لا إله إلا هو} الله مبتدأ ولا نافية للجنس وإله اسمها وإلا أداة حصر وهو بدل من محل لا واسمها على الصحيح أو من الخير المحذوف أي لا إله موجود إلا هو، والجملة خبر {الله} وقد تقدّم الكلام مفصلا في إعراب كلمة الشهادة {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} خبر ثان وثالث ل {الله} أو خبران لمبتدأ محذوف أي هو الحيّ القيوم {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ} الجملة خبر رابع ل {الله} أو خبر ثان إن جعلنا الحي القيوم خبرين لمبتدأ محذوف. ونزل فعل ماض مبني على الفتح وعليك متعلقان بنزل والكتاب مفعول به وبالحق جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من الكتاب أي متلبسا بالحق {مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ} مصدقا: حال مؤكدة واللام حرف جر وما اسم موصول في محل جر باللام والجار والمجرور متعلقان بقوله مصدقا وبين ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة الموصول ويديه مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة والهاء مضاف إليه {وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ} عطف على ما تقدم {مِنْ قَبْلُ} جار ومجرور متعلقان بأنزل: {هُدىً لِلنَّاسِ} حال من التوراة والإنجيل ولم يثنّ لأنه مصدر أي هادين.
ويجوز إعراب هدى مفعولا من أجله أي أنزل هذين الكتابين لأجل هداية الناس. وللناس متعلقان يهدى {وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ} الواو حرف عطف وجملة أنزل الفرقان عطف على جملة أنزل التوراة والإنجيل.
من قبيل عطف العام على الخاص أي الكتب التي تفرق بين الحق والباطل {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ الله} جملة مستأنفة للتحدث عن وفد نجران والتفاصيل مبسوطة في المطوّلات. وإن واسمها.
وجملة كفروا صلة الموصول وبآيات الله متعلقان بكفروا {لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ} الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم وعذاب مبتدأ مؤخر وشديد صفة والجملة الاسمية في محل رفع خبر إن {وَالله عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ} الواو استئنافية والله مبتدأ وعزيز خبر أول وذو انتقام خبر ثان {إِنَّ الله لا يَخْفى عَلَيْهِ شيء فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ} إن واسمها، وجملة لا يخفى عليه شيء خبرها وفي الأرض متعلقان بمحذوف صفة لشيء ولا في السماء عطف على ما تقدم {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ} جملة مستأنفة أيضا مسوقة لبيان علمه سبحانه واطلاعه على ما لا يدخل تحت الوجود وهو تصوير عباده في أرحام أمهاتهم وهو مبتدأ والذي خبره وجملة يصوركم صلة الموصول وفي الأرحام متعلقان بيصوركم {كَيْفَ يَشاءُ} كيف هنا أداة شرط في محل نصب على الحال ولم تجزم لعدم اتصال ما بها. ومفعول يشاء محذوف تقديره تصويركم والجملة حالية {لا إله إلا هو} تقدم إعرابه وكرره لتأكيد الكلام و{الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} خبران لمبتدأ محذوف تقديره هو.

.البلاغة:

1- المجاز في قوله: {لما بين يديه} والمراد ما أمامه.
2- الطباق بين {الأرض} و{السماء}.
3- الإيجاز بالحذف، فقد حذف مفعول {يشاء} للغرابة وإظهار قدرة الله تعالى.

.[سورة آل عمران: آية 7]

{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ الله وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الألباب (7)}.

.اللغة:

{مُحْكَماتٌ}: أحكمت عباراتها، ووضحت دلالاتها، وحفظت من الاحتمال والاشتباه.
{مُتَشابِهاتٌ} فيها احتمال للتأويل. وفي هذه الكلمة إيهام، فإن مفردها متشابه، وكيف يتشابه الشيء مع نفسه؟ وإنما يقع التشابه بين الاثنين. ومثله يقتتلان، والمفرد لا يقتتل، فكيف يقتتل الواحد مع نفسه؟ وقد وجه هذا الاعتراض إلى تقي الدين بن تيمية الإمام المشهور فقال لمن سأله: هذا ذهن جيد. ثم عدل عن الجواب. والذي يبدو للخاطر أن العرب نطقت بألفاظ من هذه الصيغة ولم ترد بها المفاعلة كقولهم: طابقت النّعل، وعاقبت اللص، وخامرت الحبّ، وعاقرت الخمر. ولو فرضنا أن الصيغة على أصل المفاعلة كان الجواب أن التشابه لا يكون إلا بين اثنين فما فوقهما، وإذا اجتمعت الأشياء المتشابهة كان كل واحد متشابها للآخر، فلما لم يصح التشابه إلا في حالة الاجتماع وصف بالجمع لأن كل واحد من مفرداته يشابه الآخر.
الحكمة في المتشابه:
فإذا خطر لك أن تسأل عن السر في الجنوح إلى ذكر المتشابه به في القرآن، والعدول عن تعميم الحكم؟ قيل إن القرآن في الأصل نزل على أسلوب العرب وبألفاظهم ووفقا لكلامهم، وهو على ضربين:
منه المحكم الذي لا يخطئه السامع، ولا يغرب عن الفهم، ومنه ما حفل بضروب المجازات، وأنواع الكنايات والإشارات والتلويحات.
وقد كان هذا الضرب الثاني، أفعل في نفوسهم، وأكثر استهواء لهم، فأنزل القرآن مفرغا في الأسلوبين، حاويا للنوعين، ليكون التحدي أعم وأشمل، ولو نزل كله محكما لما ترددوا في التماس المطاعن، ولما أحجموا عن المكابرة واللجاج والاعتراض، ولقالوا: هلّا نزل بالضرب الذي نستحسنه، ونميل إليه؟ هذا من جهة، ومن جهة ثانية لما يتميّز به المتشابه من كدّ القرائح في استخراج المغالق واكتناه المرامي، وحسر الستار عن الطرائف التي تتعالى على النظرة السطحية البدائية، حتى إذا فتح الله عليه وتمكن من سبر أغوار المتشابه، كان إيمانه أرسخ ويقينه أقوى من أن تعصف به الشبهات.
{زيغ} الميل عن الحق والجنوح إلى الباطل. والزاي والياء إذا وقعتا فاء وعينا للكلمة أفادتا هذا المعنى وسمي الزيت زيتا لأنه سائل يميل بسرعة، وزاغت الشمس تزيغ مالت، وقس على ذلك.

.الإعراب:

{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ} كلام مستأنف مسوق لتفصيل آيات الكتاب وأنها قسمان: قسم يفهمه الناس، وقسم لا يفهمونه لقصورهم وعجزهم. وهو مبتدأ والذي خبره وجملة أنزل عليك الكتاب لا محل لها لأنها صلة الموصول وعليك متعلقان بأنزل والكتاب مفعول به {مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ} الجملة حال من الكتاب والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم وآيات مبتدأ مؤخر ومحكمات صفة لآيات {هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ} الجملة صفة ثانية لآيات وهن ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ وأم الكتاب خبره، وأخبر عن الجمع بالواحد لأن كل واحدة بمثابة أم واحدة {وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ} عطف على آيات محكمات {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} الفاء استئنافية مسوقة لتفضيل موقف الناس منه، وأما حرف شرط وتفصيل والذين مبتدأ وفي قلوبهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم وزيغ مبتدأ مؤخر والجملة صلة الموصول {فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ} الفاء رابطة لجواب أما وجملة يتبعون خبر الذين واستغنى عن الجواب اكتفاء بالفاء وما اسم موصول مفعول به وجملة تشابه صلة الموصول ومنه متعلقان بتشابه وابتغاء مفعول لأجله والفتنة مضاف إليه {وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ} عطف على ابتغاء الفتنة {وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ} الواو حالية وما نافية ويعلم فعل مضارع مرفوع وتأويله مفعول به مقدم والجملة في محل نصب على الحال {إِلَّا الله} إلا أداة حصر والله فاعل يعلم مؤخر {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ} تكلم المعربون والمفسرون كثيرا وأطالوا حول هذه الآية، والقول الفصل فيها أنه يجوز أن تكون الواو عاطفة والراسخون معطوفة على {الله} والمعنى: لا يهتدي إلى تأويله إلا الله وعباده الذين رسخوا في العلم وتمكنوا منه، ويجوز أن يتم الوقوف على قوله: {إلا الله} وتكون الواو استئنافية والراسخون مبتدأ خبره جملة يقولون. وعلى القول الاول تكون جملة يقولون: حالية أي قائلين، وقد نشأ عن هذا الاختلاف في التفسير انقسام العلماء إلى فريقين: أصحاب تأويل وأصحاب ظاهر، ولستا في صدد الترجيح والمفاضلة بين الآراء المتضاربة ولكننا سنورد لمحة عنه في باب الفوائد {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا} الجملتان مقول القول وآمنا فعل وفاعل وبه متعلقان بآمنا وكل مبتدأ ساغ الابتداء به لما في {كل} من معنى العموم والتنوين عوض عن كلمة، ومن عند ربنا الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر {وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الألباب} الواو حالية أو مستأنفة وما نافية ويذكر فعل مضارع مرفوع وإلا أداة حصر وأولو فاعل يذكر مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والألباب مضاف إليه.

.الفوائد:

1- أفرد بعضهم هذه المسألة بكتاب خاص لسعة الكلام فيها، وقد استدل القاضي البيضاوي والزمخشري قبله على اختيارهما الوقوف على {العلم} لأن في ذلك حفزا للعقول على التفكير والإبداع، وقال الحشويّة ما خلاصته: الوقف على قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله} واجب حتى يكون قوله: {والراسخون} كلاما مستأنفا، فاذا لم يقف عليه بل وقف على قوله: {والراسخون في العلم} ليكون عطفا على قوله: {إلا الله} كأن لابد أن يبتدئ بقوله: {يقولون آمنا به} أراد به: قائلين، وهو حال، وهو باطل، لأنه لا يخلو إما أن يكون حالا عن {الله} أو عن الراسخين في العلم، كان كان الله سبحانه والراسخين في العلم قالوا: آمنا به كل من عند ربنا.
وذلك في حقه تعالى محال، أو يكون حالا عن الراسخين في العلم فقط، وعندئذ يتخصص المعطوف بالحال دون المعطوف عليه، وهو أيضا غير جائز، لأنه مناف للقاعدة المقررة في العربية، وهي أن المعطوف في حكم المعطوف عليه، فثبت أن الوقف على قوله: {إلا الله} واجب. وإذا كان الوقف عليه واجبا فقد خاطبنا الله بما لا نفهمه وهو المهمل. قلت:
لا يخفى ما في حذلقة الحشويين من براعة مبنية على المغالطة فهم يجيزون الخطاب بالمهمل، فإنه يجوز تخصيص المعطوف بالحال حيث لا لبس، وهو كثير في القرآن. ومنه: {ووهبنا له إسحق ويعقوب نافلة} فإن {نافلة} حال من المعطوف فقط، وهو {يعقوب} لأن النافلة هو ولد الولد وإنما هو يعقوب دون إسحق.
ما يقوله الرازي:
واستدل الامام فخر الدين الرازي في مفاتيح الغيب على أن الوقف الصحيح على قوله: {إلا الله} بستة أوجه، ملخص الثاني منها أن الآية دلت على أن طلب التأويل مذموم لقوله تعالى: {فأما الذين في قلوبهم زيغ} إلى آخر الآية، ولو كان التأويل جائزا لما ذمّه الله. وملخص الرابع: أنه لو كانت الواو في قوله: {والراسخون} عاطفة لصار قوله: {يقولون آمنا به} ابتداء، وهو بعيد عند ذوي الفصاحة، بل كان الأولى أن يقولوا: وهم يقولون آمنا به، أو يقال: ويقولون: آمنا به، ولهذا كله أسغنا الوجهين.

.[سورة آل عمران: الآيات 8- 10]

{رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً أنك أَنْتَ الْوَهَّابُ (8) رَبَّنا أنك جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ الله لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (9) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ الله شَيْئًا وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (10)}.

.الإعراب:

{رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا} الجملة مقول قول محذوف وربنا منادى مضاف ولا ناهية وهي هنا بمعنى الدعاء وتزغ فعل مضارع مجزوم بلا والفاعل أنت وقلوبنا مفعول به والظرف الزماني متعلق بتزغ وهو مضاف إلى الظرف الذي هو إذ وإذ ظرف لما مضى من الزمن وجملة هديتنا في محل جر بالإضافة وقيل خرجت إذ عن الظرفية فهي بمعنى أن ولكن حكمها لم يتغير فهي ملازمة للإضافة إليها، وهو قول جميل {وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} الواو عاطفة وهب فعل أمر ولنا جار ومجرور متعلقان بهب ومن لدنك جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال ولدن ظرف مبني على السكون في محل جر بمن والكاف مضاف إليه ورحمة مفعول به {إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} الجملة تعليل للدعاء لا محل لها وإن واسمها، وأنت ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ والوهاب خبر أنت والجملة الاسمية في محل رفع خبر إن ويجوز أن تعرب أنت ضمير فصل لا محل له والوهاب خبر إن {رَبَّنا أنك جامِعُ النَّاسِ} ربنا منادى مضاف، وإن واسمها، وجامع الناس خبرها والجملة داخلة في حيز مقول القول: {لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ} الجار والمجرور متعلقان بجامع ولا نافية للجنس وريب اسمها والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبرها.
وجملة لا ريب فيه في محل جر صفة ليوم {إِنَّ الله لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ} الجملة تعليلية للحكم فإنه في مقام التماس الإنعام وإن واسمها، وجملة لا يخلف الميعاد مفعول به بمعنى المصدر وهو الوعد، وقد قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ الله شَيْئًا} الجملة مستأنفة وإن واسمها، وجملة كفروا صلة الموصول ولن حرف نفي ونصب واستقبال وتغني فعل مضارع منصوب بلن والجملة خبر إن وعنهم متعلقان بتغني وأموالهم فاعل تغني ولا أولادهم عطف على أموالهم، ومن الله جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال لأنه كان في الأصل صفة لـ {شيئا} فلما تقدم أعرب حإلا على القاعدة المشهورة، والتقدير لن تدفع عنهم الأموال والأولاد شيئا من عذاب الله وشيئا مفعول به أو في موضع المصدر تقديره غنى، فيكون مفعولا مطلقا {وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ} الواو استئنافية والجملة مستأنفة مسوقة لتقرير عدم الإغناء، ولك أن تجعل الواو عاطفة والجملة معطوفة على خبر إن وأولئك اسم إشارة في محل رفع مبتدأ وهم مبتدأ ثان ووقود النار خبر {هم} والجملة الاسمية خبر اسم الإشارة، ويجوز أن يكون هم ضمير فصل ووقود النار خبر أولئك وقد تقدم تقريره كثيرا.

.الفوائد:

(لدن ولدى) ظرفان للمكان والزّمان مبنيّان على السكون، والغالب في لدن أن تجر بمن كما في الآية، وإذا أضيفت إلى ياء المتكلم لزمتها نون الوقاية نحو لدني، وقد تترك هذه النون فيقال لدني.
وتضاف إلى المفرد وإلى الجملة. وتقع بعد لدن غدوة فيجوز جر غدوة بالإضافة، ويجوز نصبها على التمييز، أو على أنها خبر كان المقدرة مع اسمها، أي: لدن كان الوقت غدوة. والفرق بين لدن ولدى أن لدن لا تقع عمدة في الكلام ولدي تقع، فلا يقال: لدنه علم، ولكن يقال لديه علم.

.[سورة آل عمران: آية 11]

{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ الله بِذُنُوبِهِمْ وَالله شَدِيدُ الْعِقابِ (11)}.

.اللغة:

(الدأب) مصدر دأب في العمل من باب قطع إذا كدح فيه، غلب استعماله في العادة والشأن، ومنه قول امرئ القيس:
كدأبك من أم الحويرث قبلها ** وجارتها أمّ الرباب بمأسل

.الإعراب:

{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} الكاف اسم بمعنى مثل في محل رفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف والتقدير دأب هؤلاء كدأب من قبلهم. ولك أن تجعل الكاف حرف جر فيكون الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر لذلك المبتدأ المحذوف. ويجوز نصب محل الكاف ومدخولها على المفعولية المطلقة أو الحال وقد تقدم كثيرا. وآل مضاف إليه وفرعون مضاف إليه أيضا مجرور وعلامة جره الفتحة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة {وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} الواو حرف عطف على آل فرعون والجار والمجرور متعلقان بمحذوف لا محل له لأنه صلة الموصول {كَذَّبُوا بِآياتِنا} فعل وفاعل وبآياتنا جار ومجرور متعلقان بكذبوا والجملة تفسيرية لا محل لها. ولك أن تعرب الواو استئنافية فيكون الذين مبتدأ خبره جملة كذبوا {فَأَخَذَهُمُ الله بِذُنُوبِهِمْ} الفاء عاطفة وأخذهم الله فعل ومفعول به وفاعل والجار والمجرور متعلقان بأخذهم فتكون الباء للسببية أو بمحذوف حال فتكون الباء للملابسة أي متلبسين بذنوبهم {وَالله شَدِيدُ الْعِقابِ} جملة مستأنفة مسوقة لتقرير العقاب والواو استئنافية والله مبتدأ وشديد العقاب خبره.

.[سورة آل عمران: آية 12]

{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ (12)}.

.الإعراب:

{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا} جملة مستأنفة مسوقة للرد على اليهود الذين ركبوا رؤوسهم بعد موقعة بدر وقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم الذي حاول حقنا لدمائهم أن يحذرهم من عواقب الغرور والطيش: لا تحسب أنّا أغما رأي غير مجربين على القتال. وقل فعل أمر وفاعله ضمير مستتر يعود على النبي صلى الله عليه وسلم أي أنت. وللذين جار ومجرور متعلقان بقل وجملة كفروا لا محل لها لأنها صلة الموصول {سَتُغْلَبُونَ} السين حرف استقبال وتغلبون فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو نائب فاعل والجملة في محل نصب مقول القول: {وَتُحْشَرُونَ} الواو حرف عطف وجملة تحشرون معطوفة على ستغلبون داخلة في حيز القول: {إِلى جَهَنَّمَ} الجار والمجرور متعلقان بيحشرون وجرت جهنم بالفتحة لأنها ممنوعة من الصرف للعلمية والتأنيث وسيأتي القول عنها في مكان آخر {وَبِئْسَ الْمِهادُ} الواو عاطفة والجملة معطوفة على ما قبلها داخلة في حيز القول ويجوز أن تكون الواو استئنافية والجملة مسوقة لردعهم وتهويل جهنم لهم وبئس فعل ماض جامد لإنشاء الذم والمهاد فاعل بئس والمخصوص بالذّم محذوف تقديره جهنم وإنما حذف لفهم المعنى. وفيه تأييد لمذهب سيبويه وهو إعراب المخصوص بالذّم أو المدح مبتدأ خبره الجملة قبله، ومذهب غيره أنه خبر لمبتدأ محذوف، ويرد عليه أنه يلزم من ذلك حذف الجملة برأسها من غير أن يبقى ما يدل عليها، وذلك لا يجوز حتما لأن حذف المفرد أهون من حذف الجملة.